14.11.05

ايها العادل الى الأمام

شكراً عادل إمام! ان من شاهد فيلمك الأخير "سفارة في العمارة" يدرك انك رسالة حقيقية للفنان الحقيقي
شكراً عادل إمام! لأنك علمتنا كوميدياً معنى الوطنية بامتياز
شكراً عادل إمام! لأنك عرفت كيف تظهر المكر والنفاق السياسي محملاً المسؤولية للشعب والدولة في آن معاً
شكراً لاختيارك الكاتب يوسف معاطر الذي بمشهد واحد لخّص القضية الفلسطينية وبمشهد آخر فهم المشاهدون معنى الأصولية والتعصب المخالفان للدين ومبادئ الحياة
رأينا عبرك شخصية زير النساء الذي تحول الى مناضل ومقاوم لمعاهدات السلام مع اسرائيل مرسلاً دعوة للحكام العرب للاستفاقة من سباتهم والنضال من أجل كلّ طفل عربي محاولاً افهامهم ان السلام مع اسرائيل أكذوبة كبرى اذ انها هي المستفيد الأول منه ما دام هناك سلاح اسرائيلي يقتل طفلاً منتفضاً على الظلم ويعبث بحياة الأبرياء

أيها الفنان الكبير، ان فيلمك هذا يجعلني أتذكر كل لحظة مرت على لبنان الحبيب
هذا الوطن الصغير بحجمه الكبير بمآسيه والذي حاول الكثيرون اقتسام أرضه والمتاجرة فيه لمصالح الدول الكبرى والصغرى معاً.

ان هذا الفيلم الرائع جعلني أسترجع حديثاً سمعته من زميلة لي اسمها "برناديت"، حديثاً مثيراً للدهشة والقلق، فيه جملة واحدة تستحق التعليق اما الباقي كان نابعاً عن رأي خاص وحقد شخصي، فاضافة الى كونها لا تفصل بين الشعب والحكام والى كونها تنسى ان النظام السائد في لبنان منذ عام 1990 كان نظاماً مشتركاً لبنانيا سورياً واضافة الى كونها تجعل من كل الحكام اللبنانيين آلهة مرغمين على الشيطنة، رددت وبكل وقاحة وبالفم الملآن:
"أنا بفضل يحكمني الأمركاني والاسرائيلي على القليلة بنتقدم وبنطّور..."
من قال ان الأمريكي متطور اكثر منا، فالفكر والفنون اللبنانية منتشرون في كل العالم كما الشر الأمريكي منتشر تماماً... فلبنان لا ينقصه شيْ من التطور يا سيدتي ....

ان الوطنية لا يكفي ادعاؤها انما ممارستها وأن يرضى المرء ان تحكمه دولة اياً كانت ميزاتها على حساب وطنه فهذا قمة الجهل والفجور، وقد يكون هذا الفجور معدياً لذا علينا بوجود لقاح سريع وفعال...!
قد يكون للجهل ردّ واحد وهو الصمت لأن من يناقش جاهلاً مغلوبٌ دائماً ولكن لا يمكن عدم الردّ لأن الجاهل يعتبر الصمت جبناً وهذه ليست حقيقة الحال.....

وأنا آسف ان الكلّ اليوم يدعي المعرفة في كل شيء فيبدأ الحديث حواراً وينتهي الصراخ والانسحاب من الجلسة كما فعلت زميلتي "برناديت" حين رجوتها العدل والاعتدال فاعتبرتني ادافع عن سوريا وكأننا في لبنان نعيش أمام خيارين فقط "إما سوريا أو اسرئيل" ولكن لمَ لا نعيش دون الاثنين ويكون خيارنا لبنان ثم لبنان ثم ... لبنان!

رسالتي الى "برناديت وأمثالها" هي ان في لبنان رجال كفوئين كثر، وان كنا حكمنا من القريب والغريب هذا لأن الساحة اللبنانية خلت وقتها من الرجال الحقيقيين وكانت مليئة بالناقصين والقصّار وأمثال من يحب أن يكون محكوماً ويتهرب من المسؤولية عندها من الطبيعي ان يملأ الغرباء وأشباه الرجال هذه الساحة وبسهولة تامة ويترحيب مطلق أما اليوم فحكامنا أمام امتحان الرجولة والكل يعلم أنه عند الامتحان يكرم المرء أو يهان وكلنا ثقة ان رجال لبنان سيربحون الرهان ولبرناديت وأمثالها يحلو الوداع!

أنا لا ألومها، لأنها وأمثالها لا يعرفون من الحياة سوى كتب الجامعة والمسلسلات المكسيكية والثرثرة السياسية الخالية من كل ثقافة والتي تتناقل على ألسنة الجيران في الصبحية أو في سهرة على البلكون أو يرددها الحبيب على المسامع اذ ان ما يقوله هو مقدس غير قابل للجدل والتحريف ويعرفون أيضاً بعض الأعلام التي رفعوها في مظاهرات "البهورة" أو في انتفاضة الاستقلال يوم "14آذار"... ولا عجب من سقوط "14 آذار" ما دمنا غير مدركين ان السؤال المخيف المطروح اليوم هو:
كم من برناديت في بلادي وكم من عادل إمام؟

رولا أحوش

14/11/2005

المقال في جريدة السفير
وفي موقع مدينة جبلة

ليست هناك تعليقات: